أنت

في حياتي كلها أتوقع أن تكوني بذرة الضوء التي لا أدري كيف تنمو بداخلي لتنير اليوم، لكن أثرك أعجز ـ لازلت ـ عن التعبير عنه **** ، ولكنكِ تفرحين، وها أسنـانك تظهر .. ف تبتسمين :) وتطلع الشمس، هذه المرة ليس عنِّي بل عن جميل مرورك كلما حدث ... أمــــــــانـــــة عليكو أي حد يعدِّي هنا يترك تعليقًا .. ليستمر النور :)

الخميس، 26 سبتمبر 2013

عن اليقين الذي يقدمه الصوفي ونبحث عنه!

الآن مثلاً، أين نجد أنفسنا؟!
بين ("إيلا" و"عزيز") و("شمس" و من يقابلهم في طريقه إلى "الرومي") ... هكذا أحب أن أنظر إلى تلك العلاقات في هذه الرواية، وما تبثه في نفوسنا بين وأثناء القراءة!
قد لا تزعم الكاتبة ـ قطعًا ـ أنها تقدِّم لنا حلولاً سهلة أو رؤية جاهزة للتعامل في الحياة المعقدة، وإن كان ذلك يتسرَّب من بين يديها بشكل واضح، بل بطريقة تنحو بالرواية إلى كتب (التنمية البشرية) ـ كما علَّق أحد الأصدقاء ـ ولكن ذلك لا ينفي كونها "رواية أدبية" تقدم شخوصها باقتدار بالغ، وتلعب بين التاريخ والسير الذاتية لأصحابها ببراعة!
ترتبط حياة "المتصوفة" عادة وسيرهم بالطبقات الدنيا من المجتمع، وهو ما يصرِّح به "التبريزي" قبيل لقاءه بـ"الرومي" في الرواية، ويعتقد أن علاقة "الرومي" بهؤلاء يتكون معيار الصدق بالنسبة له في شخصية من سيلقاه
(أود أن أشير إلى أن التبريزي في أول الرواية يبدو متصوفًا عاديًا وتلميذَا يأتمر بأمر سيد "بابا زمان" وينتظر عامًا كاملاً قبل أن يأذن له بالسفر، إلا أنه وبمجرد انطلاقه في "الرحلة" يبدو وقد تقمص شخصية "الأستاذ" أو المتصوف الخبير، وهو ما سيتجلى تمامًا بعد وصوله للشيخ "الرومي" وتأثيره البالغ فيه.. )
يقول شمس الدين (تذكرت الأشخاص الذين التقيت بهم: الشحاذ والمومس والسكران. أناسٌ عاديون يعانون من مرض مشترك هو الانفصال عن الواحد الأحد، هذا النوع من الناس لا يراهم العلماء، الذين يجلسون في أبراجهم العاجية، وتساءلت هل يختلف "الرومي" عنهم؟ وقلت لنفسي إنه إذا لم يكن مختلفًا فيجب أن أكون الواسطة بينه وبين قاع المجتمع)
قابل "شمس" النماذج الثلاثة هذه وتحدث معهم، وعرفنا عنهم أنهم ليسوا تلك النماذج "الضالة" أو "البعيدة" تمامًا عن الله، ولكنهم يبحثون بطريقتهم، وإن رآهم الناس طوال الوقت الأشد بعدًا بل ونفروا منهم كما فعلوا مع الشحاذ (المجذوم) الذي وصفته الكاتبة ببراعة .. إلا أن "شمس" وبطبيعة الصوفي لم يتوقف عند مظاهرهم الخارجية، بل دل كل واحدٍ منهم على طريقة يرى بها داخله، ويواصل سعيه إلى الله .. وهو ما حدث فورًا مع "البغي" حيث ذهبت لحضور درس "الرومي" .. 
وهذا ما يؤكده في القاعدة الثامنة عشر:

"
إن كل إنسان عبارة عن كتاب مفتوح, وكل واحد منا قرآن متنقل. إن البحث عن الله متأصل في قلوب الجميع, سواء أكان وليا أم قديساً أم مومساً. فالحب يقبع في داخل كا منا منذ اللحظة التي نولد فيها, وينتظر الفرصة التي يظهر فيها منذ تلك اللحظة" 

 ....
 ما أجمل هذا!  
على طريقة كتب "التنمية البشرية" فعلاً إذًا ..يمكنك أن تبدأ الآن وفورًا .. وتتبع أثر تلك القواعد في نفسك وفيمن حولك ..
 ثم ماذا؟!!
 تطبقها مثلاً ؟!
ماذا فعلت/تفعل "إيلا"؟!
 ماذا يفعل "عزيز"؟!
ماذا يفعل الأبطال "المنسيون" في الرواية ..
 زوجها وأولادها مثلاً؟!
أين نجد أنفسنا أكثر ؟!
....
 دعيني أنقل لكِ ما قالته (هدى) مرة أخـرى .. فهو يلخِّص الكثير:

نحن نتفرج على هذه الحياة لأن الصوفية هي الأصعب والأفضل والأرقى ‏
وأنت كلما تعمقت فيها كلما عرفت كم هو صعب أن تكون جزءاً منها
نحن نحاول
بالقراءة نحاول
بالكلمات نحاول
بالرقص نحاول
بالموسيقى نحاول
بشطحات جنوننا نحاول
هذا الملكوت العجيب المظلل بالسكينة والانتشاء العشقي قد يداعب أرواحنا ‏
بل قد يداعب حواسنا أحياناً
.....
أنت لا تريد أن تترك هذا العالم
لاتريد ترك شمس التبريزي وعالمه ‏
وأنت خائف من عودتك مجدداً إلى هكذا حياة تافهة ،، سطحية ،، ‏
تأكل من روحك وتحيلك متهماً ومظلوماً من جديد

سنظل هكذا يا صديقي الذي قرأت كما قرأتُ أنا
نداعب نصوصاً هي اكبر منا
من قدراتنا المتهاوية دوماً تحت وطأة شهوات سخيفة وحياة أسخف
سنظل نتفرج دوماً على من يفرزون الرحيق
ونقنع بالرذاذ المتناثر من بحار العشق الكبرى

أما إن كنت قد اندمجت بكليتك في هكذا عالم
فأنت أيها القاريء نادر ومميز ورائع
وأتمنى أن أصحبك في عالمك يوماً
فلك بقايا هذا الحب الذي يئن يومياً

هناك تعليق واحد:

حسن ارابيسك يقول...

صديق التدوين العزيز
الكاتب والمفكر/ إبراهيم
اليقين الذي يقدمه الصوفي ونبحث عنه
خواطر حول قواعد العشق
ثلاث قواعد حول علاقتنا بالله

كل التقدير والتحية على تلك السلسلة الرائعة من مقالاتك التنويرية التي هي بلا شك حازت على إعجابي ولها مني كل التقدير والإعجاب وتلك المقالات الرائعة هي مزيج من خلفيتك الثقافية العالية ونظرتك التحليلية الخاصة

تحياتي
حسن أرابيسك

Ratings by outbrain