أنا قلت قبل ما فيلم "كلمني شكرًا"ينزل ويكتسح الدنيـا (كالعادة)، وبعدما كتب صديقي الطبيب "محمود عزت" إحدى قصصه الرائعة (كلمني.. شكرًا) بسنين أيضًا، وبإرهاصٍ من تدوينة "ميشيل" الأخيرة عما فعلته بنا شركات المحمول اليوم، يجدر بي (حلوة يجدر دي في وسط الكلام) أن أتطرق هنا إلى هذا الموضوع في هدوء:
ربما ليست المشكلة فيما وصلنا إليه الآن، رغم أنه أمر جدير بالملاحظة لاسيما في ظل توسع انتشاره (زمان كان اللي يبقى معاه موبايلين الواحد بيبص له شذرًا) ولكن المشكلة فيما طرحته قصة محمود عزت ببساطة، من فكرة إن الإنسان محتاج حد يسمعه، عشان كده بيقول له "كلمني"، وهيو الحاجة الماااااااســـة الشديدة جدًا للتواصل!
الحاجة البشرية ـ السخيفة دائمًا ـ إلى آخر تحكي له وتحدثه عن أي شيء من أمورك، "الفضفضة" كما ورد في صباح الجزيرة، وكما نقولها ونفعلها دائمًا، الرغي .. أيضًا كما نسميها أحيانًا كثيرة ...
كلمني .. شكرًا!
التي انتقلت (بالمناسبة) من مساحات سمعية (تليفونات، وموبايلات..وخلافه) لمساحات مكتوبة واااسعة شديدة الثراء الآن، تحولت بالمثل تمامًا، إلى الماسنجر والـ"شات" بكل أنواعه، وإلى الفيس بوك وما يمنحه من شعور بعالم مكتمل من حولك، يتغير لتغير "حالتـك" أو موقفك، ويشاطرك الحزن والفرح والعبث أحيانًا!!
لكن "كلمني" ..أحلى .. وأظرف .. و... أخطر بكثير
مش عارف الواحد إزاي يتكلم عن الصوت الذي يريحه سماعيًا، ويطمئن إليه، ويشعر أنه يقترب منه!
أصلاً فكرة "الودان" دي فكرة رااائعة، شكرًا ياااارب إنك خلقت لنا ودان، تخيلوا لو بنسمع من بقنا مثلاً كان هيبقى شكلنا إزاي؟!! ...
الموبايل في الأول خااااالـــص (والكلام الحلو اللذيذ اللي بيتكلم عنه ميشيل ده) كان الواحد مش متخيل الكلام بيوصل إزاي يعني كان لسَّه يدوبك اللاسلكي شادد حيله فالواحد لسه (لاسيما مع صغر سنه) منبهر بإن تليفون بيتكلم كده من لوحده، من غير سلك ولا بتاع، ثم أول ما ظهر المحمول كان إنساني (مرزبة) السماعة قريبة من الفم، عشان الواحد بس يفهم، لكن بده يكش ويصغر إلى حد (كان مذهلاً)، أصلاً حابب أتكلم عن زماااان قوي ده بنوع من الحنين J ...
أيام "ميناتل" يا نااااااس، حد فاكر أيام ميناتل، وكارت النيل، ورينجو، رينجو كان عامل أقوى عرض فيهم برضو (وهوا تبع النيل أصلاً) فاكر كانت الدقيقة بـ 15 قرش! ، الآن الصراع على أشده، ودخل فيه الشركة المصرية للاتصالات شخصيًا بشعارها الشهير للسماعتين المتجاورتين (مشيهم المتجاورتين محدش واخد باله من حاجة) ... وبرضو الفكرة مش في ده كللله ...
في زمان الـ قوي ده لما كان الواحد عنده تليفون بيت ... عاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
أصل أنا ما بقاش عندي تليفون بيت من فترة (داخل على سنتين أهه) وبيدي لا بيد عمرو (لإن عمرو بطل يكلمني، خدته الدنيا .. والدنيا تلاهي، وملاهي ) تليفون بيتي كان لا يفارق السرير، وعلى فكرة ده مش عشان حبيب ولا حاجة لا سمح الله (وإن كان الأمر ماسلمش برضوو)، ولكن لإني كنت صعب أقوم م النوم عشان أرد ع التليفون، المفارقات الطريفة كانت لما أرد على حد وأنا مش في كامل وعيي(إنتا نيام، ... أيوة، مين معايا ، طب إنتا عامل إيه دلوقتي ، هما اللي جايين ولا هما اللي راحو) .... وياسلاااام بقى لما أسيب السماعة مرفوعة، وألاقي الموبايل بيرن بشكل مخييييف (إنتا رافع السماعة ليه يا إبراهيم قلقتنا عليك!) .... ولا الألذ (صحيني الفجر ... وتوابعها)
ما كل هذا الهذيان؟!!
كنا بنتكلم في تليفونات البيت أيوة، تليفون البيت على قد ماكان مهم وخطير، إلا أنني لن أنسى أبدًا إني تقريبًا كنت مشغله استقبال فقط، ناااادرًا جدًا لما أسمع صوته، بتصل بالناس كلها، مش مدي حد فرصة يكلمني شكرًا عليه، وطبعًا كانت عواقب هذا الأمر وخيمة جدًا على قفايا وقفى اللي جابوني (وده برضو للأجيال القادمة) إلا أنه من اللافت للنظر إن الدنيا لم تتوقف لغياب تليفون البيت! اللهم إلا للحاجة إلى توصيل نت في الوقت الراهن، وده مش موضوعنا !!!
بس فيه ظاهرة اندثرت، وأحب أسجلها، عشان يأخذوها عني الأجيال القادمة، ويرون "ماذا حدث للمصريين" في العشر سنين الأخيرة، وهي إني أيام صبايا (أيوة الله أيام صبايا) كان الواحد يميِّل على أي كشك سجاير، ويطلب التليفون، فيقوم الراجل مادد له التليفون بكل "أريحية" ويطلب البيت مثلاً، أو أحد أصدقاؤه .. بيكون طلب ضروري وعاجل طبعًا، يبلغ رسالة ويقفل .. وبيكتفي بإنه يقول لصاحب الكشك .. شكرًا J
دلوقتي رفعة السماعة بقت بفلوس!، وآآآه يا زمن
وليست الفكرة في ذلك فقط ـ في الحقيقة يعني ـ وفي ذلك نعود لأجواء قصة "محمود" التي تدور حول (تقدروا تقروها على فكرة) فتاة تتعثر بولد لتفضفض له، بجد على قد ما القصة واقعية وذكية، على قد ماهي بتطرح المشكلة هكذا أمامنا، كما تسمعونها مساءً يوميًا مثلاً (وخدوا عندكو إف إم وعمايلها، اللي تحسسك إن كل بنات مصر مسهوكة، وكل ولادها عاوزين ضرب النااار، ده غير البرامج التلفزيونية بتاعة الليل وآخره) ..
ولكن تبقى حاجتنا الحقيقية إلى ذلك الـ "حـد" الذي تغنينا به بعد أنغام طويلاً في (إلقالك حد)، ممكن يكون مش بيقدم نصايح، ولا بيساعد في حلول المشاكل، إنه بيسمع بــس... ودان كبييييرة يعني، وقد إيه الودان دي بتفرق كتيييير!
وأوقات كتير بقى الواحد بيبقى عاوز يسمع صوت حد، ومش عارف، ويتوه في الزحمة والدنيا والناس، وييجي له رقم غريب يقول له "كلمني .. شكرًا"
بالمناسبة أنا لا أستهين بأي شكل من أشكال التواصل تلك، حتى التي "يختنق الناس"بها/منها ، يعني طبعًا كلنا عارفين إن الناس استبدلت الرنة (وقريب قوي هيعملوا فيلم للرنة برضو، وهيسموه ميسد كوول) (وبهذا الصدد أتذكر أمران ع السريع أولهما "ضحايا الكول سنتر" الكتاب الساخر الذي نشرته مزيد مؤخرًا، وفيلم "سنترال" لمحمد حماد، وقد إيه هذه الأماكن وهذه الطرق من التوصيل والمراقبة أصبحت مادة ثرية للكشف عن المجتمع، على أساس إن المجتمع بقت فيه حاجة مستخبية!!! أتذكر بهذا الصدد صديقًا فلسطينيًا كان كلما طلب أهله في فلسطين يقول له عامل السنترال "إسرائيل"!!!!) كنا بنقول استبدلوا الرنة بـ"كلمني شكرًا، بل واشحن لي شكرًا أيضًا" الشاهد إن كلها طرائق للتواصل تؤكد أن الإنسان بحاجة إلى آخر......
قد يحبه، فيما بعد، أو يكرهه، أو يكون على الحياد معه، لكنه سيظل يحتاجـــه
وسيظل سؤالنا .. يتردد:
لماذا ليس في الإنسان مايكفي من الإنسان؟!!
طبعًا لإن ربنا عايز كده..
وطبعًا لإن ربنا عاوزنا نبقى كده يحتاج بعضنا لبعض عشان نعمَّر الأرض، بس مش نخربها، ولا إيه ...
ونترككم في رعاية الله
الحلقة القادمة عن الاختلاف
الخط ده (كيوووووت) قوووي يا إبراهيم، شكرًا قوي إنك استعملته، لا سيما (ودي بتاعتك) في المواضيع الكبيرة الخفيفة دي ...
ردحذفخالص تحياتي .. ولادي وبناتي
المرة الجاية ـ يا إبراهيم ـ ما تنساش "في خضم" ما بتتكلم عن الآخر المغاير المخالف، تتكلم عنك .. عن اللي معاك طووول الوقت ده، ولا عمركش اتصلت بيه سألته هوا عامل إيه دلوقت!! ...
ردحذفمحتاجك تكلمك، وتسأل عنك، إن شاللا تبعت لنفسك SMS
بالمناسبة يا ولاد ويابنات
ردحذفأول مرة ظهرت "كلمني..شكرًا" دي كانت المفروض للأمور الطارئة والخطيرة ....
مش عمال على بطال يعني :)
فــ . . . . .
كلمـــونـــــا ... شكـــرًا
عن نفسي
ردحذفلست من مستعملي هالعباره :)
اما الفيلم
فأكيد بكون من مشاهدينه :)
انت بتقول فيها ... طيب والله انا باعملها ، انا بابعت لنفسي sms من فتره للتانيه .. آه والله . باكتبها واظبتها علي انها تتبعت later في اي وقت بقي ماببصش وبعدين اذ فجأة ابص الاقي جاتلي رساله ، افتح الاقيها أنا بعت اسلم عليا واشوفني عامله ايه وايه اخباري وكده باقراها وببقي مبسوطه مني قوي .. تخيل
ردحذفبس عارف .. لو أخدنا الموضوع بجد، هانلاقي ان احنا ساعات كتير فعلا بنبقي بس عايزين نتكلم ونفضفض زي البنت بتاعة القصه بتاعة محمود عزت انا قرأت القصه دي من سنه تقريبا بس لسه لحد دلوقتي فاكراها
هو يمكن عشان التواصل البشري علي ارض الواقع بقي قليل قوي فعلي الناحيه التانيه انتشرت قوي شركات المحمول والشات والحاج فيس بوك أخد وضعيه محترمه
بس زي مانت قولت كده ... الودانتين دول نعمه كبيره من عند ربنا .. مهما كان الكلام المكتوب فالكلام المسموع الي حد اكبر بيبقي مريح نفسيا
ماشي أوامرك نزور و نعلق بس متنسناش من تعليقاتك أنتَ كمان.
ردحذف