ومن قال إني لا أريد أن أتحدث عن
كل شيء، دفعة واحدة؟
ومن قال إنه لا يرهقني كثيرًا أن يظل الكلام
مسكوت عنه، وتظل أحاديثنا سطحية وعابرة،
أتعلمين، ما أتذكره الآن ، بشدة، أننا كبرنا !!
لم أكن أعلم شيئًا عن هذا الأمر،
يرهق القلب كثيرًا أن نكبر،
لم يعد الأمر بحساب الأيام والسنين، الأمر ـ كما
تعلمين ـ أكبر من ذلك ..
أصبح بما يثقل القلب من همومٍ عامة وخاصة،
أصبحت كل الأشياء مرهقة، ومزعجة، بشكلٍ يغدو معه
كل الكلام الداعي للتفاؤل والأمل ـ كما أفعل أحيانًا ـ هراءً لا طائل من ورائه!
ولكنه يقال ويحدث!
كل الأشياء السخيفة تحدث، باطِّراد، وتطلب مني
أختي بإصرارٍٍ مثلاً، أن أكون متفائلاً
حاضر، سأدير المؤشر ناحية التفاؤل وأبتسم
ابتسامة عريضة، أي طلباتِ أخرى؟!
أي أوامر؟!
أنا لا أجيد تنفيذ التعليمات، تنفرط الأشياء مني
فجأة، وأفقد قدرتي على التركيز، وألوذ بين صفحات كتابٍ أو سطور قصيدة!
هل هو "الهورب" أم
الخشية من "التورط"
ومن قال أنَّا نهرب؟!
أين بالله عليكِ "الهرب" من كل ما نحن
فيه؟؟
كل .. ما نحن .. فيه ..
متورطون شئنا أم أبينا، بالثورة، والحب، والأمل،
والناس، والأصدقاء، والسياسة، والدين، والجنس، والحياة!
متورطون حتى النخاع، لا مفر!
الذي أجيد الهرب منه فقط هو أن
أتحدث عن كل الأشياء المرهقة والمزعجة!
هذا ما أستطيع أن أهرب منه، وألف وأدور حوله،
بلا طائل!
مثلما فعلت الآن
من قال أني لا أريد أن ألقي بكل ما يثقلني
ويزعجني كله دفعة واحدة هنا الآن، أمامك أو أمامهم، أو حتى أمامي، ولكن، وماذا
بعد؟!