يقينًا لا نعلم ما إذا كان ما نحكي
هو ما يبقى، أما ما نتركه ونؤجله حتى يحين له موعد، يظهر فيه للعيان كيانًا مستوي
الأركان تام البيان، ولكن كل ما نسعى لأجله أن يكون ما نقوله منطقيًا وما نسعى
إليه محمودًا، أما ما عدا ذلك فيكتنفه طوال الوقت الكثير من المجهولية وربما أيضًا
يغرق في الغموض!
فكرت أكثر من مرة في محاولة
الاقتراب مثلاً من شخصياتٍ بعينها والدوران الحذر حول عوالمها، ولم ينبني في الأعم
الأغلب إلا الخذلان، وما ذلك لشيءٍ منهم، ولا لشيءٍ ـ غالبًا ـ في ولكنه طبيعة
الزمان والمكان والمواقف والأحوال، ولعل كل ذلك واضح بغير بيان، في مرة مثلاً
ألتقي ب"مريم" فلمَّا تحكي حكايتها وتنتهي إذ بي أكتشف أنها تاهت ،،،
نعم، في الزحام، هل أجد حينها السلوى بـ"ليلى" هذا غير وارد أبدًا، فما
في الأولى لا يمكن بحال أن يكون في الثانية، ولو أن دفتي كتابٍ جمعتهم لما كنت
أسميه أبدًا ألف شمس، وربما لم تشرق عليهم شمس أصلاً!
وهذا حال، وما وجدته في أحوال أخرى
قد يكون الأكثر تنوعًا واختلافًا، فنعمد للغياب ونريح أنفسنا من ثقل الحضور!
.....
لا يصعد المرء جبلاً مرة واحدة، لابد أن يمر بالسهل
والصخر وربما لا يتمكن في النهاية من الوصول، فيعاود الكرة مرة بعد مرة! ولكني
مللت التكرار وقررت أن أبني الجبل، ولأرقب بعد ذلك من يجرؤ على صعوده .. فحسب!
أغمض عيني فأتذكر على الفور آسيا، وجهها
المليء بالفرح ونفسها التواقة للانطلاق والحبور، يقعدها ماضي أمها التعس وينتشلها
الرسام من أحزانها فجأة، ولكنها لن ترضى به، هو لا يعرف أنها لن ترضى، هو لا يعرف
أنها تحلم بالحرية أكثر مما تحلم به، وتود أن تثور على كل تلك الأشياء التي تقيدها
حتى ولو رجعت لبيت خالاتها كل يوم وسمعت هناك أنها لقيطة! ربما تبادل صاحبة
حكايتها الأدوار فتتعرف منها على طريقة ولوج العالم الافتراضي، وتنشئ لها حسابًا
على فيس بوك، يومها أنا على يقين أني سأعثر عليها، ولكن أي اللغات سنتكلم؟!
.....
كلهم كانوا يعلمون أن يحيى الغريب
عائد، ولكن أحدًا لم ينتظره لما جاء الخطر!!
لن ينتظرك أحدٌ أيها الغريب، فلا تعد!