بدايةً لن تحيّرك طويلاً أمام الكتب حتى تختار ما تعتقد
أنه يمكن أن يناسب ذوقها، ولن تفكِّر طويلاً في ردود فعلها إذا ما أحضرت لها
كتابًا لا تحبه! اخرج في موعدٍ مع فتاة ترى العالم من عينيها وليس من بين صفحات
وكلمات وورق، تتعرف على الدنيا من ممارستها العملية، تسخر من قراءاتك وكتبك
وثقافتك، ستخبرك بأشياء جديدة تصدقها منها على الفور، وستحكي لك حكاية الولد الذي
أحبته من أول نظرة "بجد" وتقول (مش زي الأفلام) وستضحك عندما تخبرك أنه
يعمل "مناديًا" على ميكروباصات "امبابة"، ستسألها أن تصفه لك
ولكنها لن تفعل، ستفتح لك حكاياتها عالمًا آخر ظل مخفيًا عنك طوال الوقت، رغم أنه
حولك..
هي الفتاة التي تطالب بحقها في باقي الأجرة، ولا تجد
حرجًا في أن تخبر السائق بأن زيادة "ربع جنيه" افتراء وظلم، ويعلو صوتها
بينما يحاول الجميع احتواء الموقف، فيما أنت تراقبها من بعيد، حتى تنزل في المكان
الذي أرادته بالضبط وتتبعها بنظراتك، لتتذكر أنها هي نفس الفتاة التي تحب الولد ..
ستحكي لك عن أبيها ومعاملته القاسية لأمها وتخبرك ببساطة
أنها تكرهه وتكره استسلام أمها له، وستفاجئك بأنها تفكِّر جديًا في قتله، ستخبرك عن
خطتها "الشريرة" للإيقاع بالولد "المنادي" الذي تحبه لكي يقوم
هو بهذه المهمة ثمنًا لحبها، ولكنها تخاف أن يكون قاسيًا مثله، ستسألك كيف أعرف إن
كان طيبًا أم لا "يا أستاذ"؟! ستطمئنك بعد ذلك أنها أجبن من أن تصرِّح
له بحبها فضلاَ عن أن تطلب منه أن يقتل.
هي الفتاة التي
تجعلك تفكِّر في كل من عرفتهن على أنهن بنات "عاديات" لا يصلحن إلا
للثرثرة في المقاهي وأمام الشاشات، ولم يجربن مرة أن يخرجن إلى الحياة ويبعن مناديل ورقية في
الأوتوبيسات، أو "الورد" لمحبي الورد على الكورنيش! تحدثها عن ذلك فتضحك
ببساطة، وتخبرك عن صديقتها التي تصادف مضايقات يومية وتحرش من أولاد يصغرنها في
السن، ولكنها تضربهن دومًا، وتعود إلى بيتها حزينة باكية، ولكنها تنسى كل ذلك صباح اليوم التالي، وتخرج بابتسامة أكبر ..
لن تتركك تحكي لها عن فتاتك.
اخرج مع فتاةٍ
لا تحب الكتب، هي لا تعرف "درويش" ولا تهيم بكلماته بل وربما لا تفهمها،
تسمع عن "صلاح جاهين" من الأفلام والتلفزيون، لم تفكّر أصلاً في تعلم
القراءة، بل وتتعجب فعلاً من هؤلاء الذين يمسكون بالكتب، وتعتقد أنهم جميعًا
"تلاميذ"، وستخبرك أنها تريد أن تقول لهم اتركوا ما تذكرون وتعالوا
اعملوا معي، وستعيشون "مبسوطين" تفكِّر في تغيير رنة هاتفها المحمول إلى
(آه يا دنيا) وتخبرك أنها ترقص عليها حينما تكون "مبسوطة"
و"لوحدها"
من السهل أن
تخرج مع فتاةٍ لا تحب الكتب، لن تحضر لها كتبًا في عيد ميلادها، بل وردة
و"شيكولاته" وستكون سعيدة بهما جدًا، لن تحجز لها حفلة في الأوبرا، بل
ستأخذها إلى "السينما" وستكتشف أنه كان أحد أحلامها وتفاجئ من تعليقاتها
على شكل الممثلين في الصالة الكبيرة!
ستطلب منك فجأة
أن تشتري لها فستانًا من إحدى هذه المحلات التي تمر عليها يوميًا وتحسد مرتاديها،
وستجدها فرصة لكي تحقق لها حلمًا عابرًا، ستدخل معها المحل، وستختار ذلك الفستان
الأسود الموشى بالورود، وتلبسه وتدور به دورتين في المحل وسط دهشة العاملين .. ثم
تأخذك من يدك وتخرج..
إذا وجدت فتاة لا تحب الكتب، فلا تحكِ لها عن الكتب ولا
عن أبطال الروايات الوهمية، أخبرها عن الحقيقة فحسب، وقل لها كما تحب أن تقول دومًا
أن الحياة نعيشها ولا نكتبها، وأن ما نكتبه يا عزيزتي ليس إلا محاولات فاشلة لصنع
حياة حلوة متخيَّلة، ولكن الحياة هي ما تفعلين والدنيا هي ما تعرفين ..
ستعدها في المرة
القادمة أن تذهب بها إلى شاطئ العالم، لأنك تدرك أن الفتاة التي لا تحب الكتب أحبت
البحر طويلاً ولكنها تراه بعيد بعيد، وستقربها من البحر أكثر ..
اخرج في موعد مع
فتاة لا تحب الكتب .. ولكنها تحب الحياة!
.
.
.
*خالص الاعتذار لهذا النص المُلهم:
هناك 18 تعليقًا:
هههههه ماشي يا باشا بس على فكرة مش النوع ده بس اللي عايش الحياة بجنون كده
في ناس كتير وخصوصا النساء أو البنات رغم انها بتحب الكتب وأحيانا بتحب الكتابة مع ذلك تلاقيها بتحب الحياة وتحب تعيشها بجنون مش بقعل خصوصا لو كانت مع حبيبها
تحياتي إبراهيم بوست جامد جدا
أنا بحب الكتب وبحب الحياة
أيوة عادي الاتنين مع بعض :)
اوكي وماله مش عيب برضك يا ابراهيم :D:D
ملحوظة: عجبتني جدا.. بس انا بحب الكتابة فمش هقول لك
لا لا لا .. بغض النظر إن الكلام تحفة جداااااااااااا
فكلامك فيه ظلم للبنات اللي بتحب الكتب ..
شروق:
منوَّرة ..
ـــ
فاطمة:
أكيد فيه بنات بتحب الكتب وبتحب الحياة وبتحب الجنون :)
أشكرك على مرورك ومتابعتك الجميلة
ــ
موناليزا:
وأنا كمان :)
ــ
رضوى:
إنتي جيتي :)
منوَّرة
ـــ
البنات اللي بتحب الكتب اتكتب عنهم قبل كده يا بنت نمتة :)
أشكرك
أوبااااااااااااااا
ما قريتش النص الملهم ولا حتى اهتميت إني أقراه علشان ما يضيعش مني الطعم الحلو أوي أوي أوي للنص ده :))
أحييك جداً على هذا النص العبقري ؛ بجد أنت مبدع :))
فعلاً الحياة حلوة وبسيطة ؛ مش كتب ولا أفلام ولا مزيكا ولا فلسفة .. احنا اللي بنعقدها .. وباعتقد أننا مدينون بحياتنا -- بشكل أو بآخر -- لكل هؤلاء البسطاء الذين يتحملوننا بجانبهم في هذه الحياة :)
لكن للأسف البساطة دي صعبة على أمثالنا جداً إنهم يصنعوها أو يعيشوا بيها أو حتى يلاحظوها و يفهموها في كتير من الأحيان ؛ بالكتير قوي نقرا عنها في الكتب أو نتفرج عليها أحياناً في الأفلام أو نكتب عنها بوست جميل زي ده :)
شكراً يا إبراهيم
جميل جدا يا عزيزي.. أنت تترك للتفاصيل معنى جديدا
كتير كتبوا عن اللى بتحب القراءة ومثقفةواد ايه هى ذكية،بس انت خليت الذكية عادية جدااا جنب اللى بتعيش الحياة ..انت عبقرى
من يومك بتدهشنى بكتابتك
يعنى اللى بتحب الكتب مش بتحب الحياة ؟
إنجي:
نورتي :)
ـــــــــــ
P A S H A
ما تتخيلش تعليقك أسعدني قد إيه
شكرًا ليك ولإضافتك :)
ــــــ
الشاعرة مروة دياب:
الأجمل مرورك .. لم أكن أعلم أن لكِ مدونة، أو ربما كنت قد نسيت :)
نورتِ
ـــــ
غير معرف
أنا عاوز أعرفك بقى :)
ـــ
نون:
أي خدعة
ــــــ
إيمان:
مش بالضرورة طبعًا :)
هو هايحب واحدة من فنون شعبية ولا ايه :)
أنت عبقري يا أستاذ إبراهيم :)
:) البساطة هي السر
من أجمل ما قرأتُ لك مطلقا. تستحق شكرا مضاعفا على هذا النص يا رجل. الله
اخرج في موعد مع فتاة لا تحب الكتب..رغم أن ده وقف حال بالنسبة لناس كتير بس بصراحة الفكرة جميلة جداً، و النص حلو قوي.في ناس عايشة الحياة و ناس بتوهم نفسها أنها عايشة في الكتب و بس من غير ما يرفعوا عنيهم عن الورق يدوقوا الحياة دي.
الفرق بين أنك توصف طعم الفراولة و رائحة الورد و بين أنك تدوقها باردة و قصادك وردة في فازة ريحتها بتهف عليك.
المهم بس متخرجش مع واحدة بتحب البلاكبيري بتاعها اكتر من أي حاجة تانية :)
يجنن كلامك جداً يا إبرهيم
بس مش عارفة افهم ، ازاي من وجهة نظرك ممكن حب الكتب ، يمنع البنت من انها تكون كل الي فوق ده برضه !
إرسال تعليق