نعم في مثل تلك
الأوقات العصيبة، التي يختلط فيها الحق بالباطل، والحابل بالنابل، يحلو للبعض أن
يخرج مغردًا عن السرب، ويروق لآخرين أن يخلطوا دومًا بين الموت والحريَّة أو بين
الحب وطلقات الرصاص!
وإعمالاً لهذا المنطق والمنطلق يروق للآخرين في غمرة
انشغال الناس بالأحداث، وغمرة الغرق في الأخبار والبيانات والجثث والتصريحات، يروق
لآخرين أن يبحثوا عن شركاء، عن أفراد، عن أناسٍ قاسموهم ذات يومٍ حلمًا أو أملاً
.. ربط بينهم موقف أو حكاية .. مروًا في حياتهم قدرًا جميلاً .. ولم يخرجوا منه أبدًا
..
يطيب للبعض أن يتأمَّل أو يتوقف عند تلك اللحظات العابرة
التي تجعل من شخصٍ عابر شخصًا يملأ الدنيا فجأة، ثم إذا ما غادر ترك أثره الباقي
دومًا، كلَّما تذكرنـاه ..
عن هذه الأرواح ملائكية النزعة، إنسانية التكوين، عن هذه الدنيا التي يشكلونها حولهم كلما مروا، فتمتلئ الأرض بهم زهوًا والسماء، عن الذين ما شغلهم الغياب إلا وتفقدوا، وما حاصرتهم الهموم إلا وتذكروا، عن هؤلاء الذين
سيدخلون حتمًا الفردوس الأعلى من الجنَّة، لا لفرط رقتهم وطيبة معدنهم فحسب ولا لأنهم
تذكرونا يوم نسي الناس، وحملوا على عاتقهم حفظ آثارنا مهما تناءت بنا الأيام،
وبعدت بيننا المسافات! ولكن لأن الجنَّة
كلها إنما أعدها الله للمتقين. ..
طوبى لكل غيابٍ يتكلل بمثل هذا الحضور، طوبى لكل أثر يظل
له كل هذا البقاء والاستمرار مهما مرَّ الزمن وتقلَّبت الأحوال، طوبى لهؤلاء
جميعًا الذين بقوا على العهد والوعد.
طوبى لهم ..
وروحٌ وريحان.
هناك تعليقان (2):
أه والله يا ابراهيم.. طوبى لهم.
ربنايحمي مصرنا
إرسال تعليق