كانوا يعتقدون أنه قد ...مـــات !! هاهو ... من الموت ... يرسل رسائله
إلي شاعر شاب
"لا تصدّقْ خلاصاتنا، وانسها
وابتدئ من كلامك أنت. كأنك
أوّل من يكتب الشعر،
أو آخر الشعراء!
إن قرأت لنا، فلكي لا تكون امتداداً
لأهوائنا،
بل لتصحيح أخطائنا في كتاب الشقاء.
لا تسل أحداً: منْ أنا؟
أنت تعرف أمّك..
أمّا أبوك... فأنت!
الحقيقة بيضاء. فاكتبْ عليها
بحبر الغراب.
والحقيقة سوداء، فاكتب عليها
بضوء السراب!
إن أردت مبارزة النسر
حلّق مَعَهْ
إن عشقتَ فتاة، فكن أنتَ
لا هي،
منْ يشتهي مصرعهْ
الحياةُ أقلّ حياة،
ولكننا لا نفكّر بالأمر،
حرصاً علي صحّة العاطفةْ
إن أطلت التأمّل في وردةٍ
لن تزحزحك العاصفة!
أنت مثلي، ولكنّ هاويتي واضحة
ولك الطرق اللانهائية السرِّ،
نازلة صاعدة!
قد نُسمّي نضوب الفتوة نضج المهارة
أو حكمةً
إنها حكمة، دون ريب،
ولكنها حكمة اللاغنائية الباردة
ألفُ عصفورة في يدٍ
لا تعادل عصفورة واحدة
ترتدي الشجرة!
القصيدةُ في الزمن الصعب
زهرٌ جميلٌ علي مقبرة!
المثالُ عسير المنال،
فكن أنت أنت وغيرك
خلف حدود الصدي
للحماسة وقت انتهاء بعيد المدي
فتحمّسْ تحمّسْ لقلبك واتبعه
قبل بلوغ الهدي
لا تقل للحبيبة: أنتِ أنا
وأنا أنتِ،
قلْ عكس ذلك: ضيفان نحْنُ
علي غيمةٍ شاردة
شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين علي لفظة واحدة
وضع الهامشي إلي جانب الجوهري
لتكتمل النشوة الصاعدة
لا تصدّق صواب تعاليمنا
لا تصدّق سوي أثر القافلة
الخُلاصة، مثل الرصاصة في قلب شاعرها
حكمة قاتلة
كن قوّياً، كثور، إذا ما غضبتَ
ضعيفاً كنوّار لوز إذا ما عشقتَ،
ولا شيء لا شيء
حين تسامر نفسك في غرفة مغلقةْ
الطريق طويل كليل امرئ القيس:
سهلٌ ومرتفعات، ونهرٌ ومنخفضات
علي قدر حلمك تمشي
وتتبعك الزنبق
أو المشنقة!
لا أخاف عليك من الواجبات
أخاف عليك من الراقصات علي قبر أولادهنّ
أخاف عليك من الكاميرات الخفيات
في سُرَر المطربات
لن تخيبَ ظنّي،
إذا ما ابتعدتَ عن الآخرين، وعنّي:
فما ليس يشبهني أجملُ
الوصي الوحـــيدُ علـــيك من الآن: مستقبلٌ مهملُ
لا تفكّر، وأنت تذوب أسي
كدموع الشموع، بمن سيراك
ويمشي علي ضوء حدسك،
فكّر بنفسك: هل هذه كلّها؟
القصيدة ناقصة... والفراشات تكملها
لا نصيحة في الحبّ، لكنها التجربة
لا نصيحة في الشّعر، لكنها الموهبة
وأخيراً: عليك السلام».
من ديوانه الأخير، الذي لم يصدر بعد (لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي) .... نقلاً عن البديل
هناك تعليقان (2):
القصيده جميله جدا يا ابراهيم
الديوان اكيد مميز
...
سعيد برجوعك للتدوين تانى يا صديقى
قرأت هذه القصيدة صدفة عندما وجدت عنوان ( قصائد غير منشورة لمحمود درويش )
وكأن الرجل يخاطبنا بعد وفاته فعلا بهذه القصيدة !
ربما كان أفضل لها أن تظهر بعد وفاته ..
رحم الله الشاعر الكبير
وشكرًا لك يا ابراهيم
إرسال تعليق