لن أدعها تهرب مني هذه المرة ...
الأيام واللحظات والدقائق التي نعيشها معًا يجب أن تصوَّر بعين غراب، أو بكاميرات محمولة من السماء مثلاً؟!
لا يجب أن نفلتها أبدًا ...
مهما كتبت فلن أكون قادرًا على وصف وجودك معي في هذه البقعة من الزمان، وبين تلك الشوارع والسيارات والمكتبات والزحام ...
ذلك الطقس الاستثنائي الذي سعدت بحدوثه بالأمس، حتى وإن تكرر، فله مذاقه الخاص!
مذاق الماء بعد كل عطش!
هناك حيث يلتقي الزحام بالزحام، ويتفرق الناس فلا يبقى إلا اثنين، يحملان معًا همومًا مشتركة ويخببؤون ـ بشكل جيد ـ سيل الأمنيات!
وهناك .. حيث راهنت نفسي ألا أجد كتابًا واحدًا أحتاج أن أتوقف عنده، فأشتريه، أو أتصدق به للوقت الذي يتسرب من بين أيدينا فيما نحن نلتقط أنفاسنا للعدو وراء الدنيا مرة أخرى، هاربين من الزحام والحر! ..
هل يمكن أن يُفلت هذا اليوم بدون تدوينه؟!!
ألا يكفي ما أفلتناه قبلاً، من أيام ربما كانت أكثر جمالاً!
هناك أشياء/أيام ..لاتحتاج لبذل الكثير من المجهود لتكون جميلة!
فقط نسير فيها متجاورين! ....
ويحدث كل شيء .. كما يريد.
معجزة!
معجزة ولا شك ألا أجد أنا الشغوف بشتى أنواع الكتب كتابًا جديدًا يلفت انتباهي ويستطيع أن يجذبني إلى عالمه لأتصفحه على أقل تقدير! ....
يالها من بائسة حقًا، تلك التي لم تحظ باهتمامي، وظلت متراصة كأدوات الزينة يمر الناس بجواراها فلا تلفت انتباههم أبدًا!
حينها لم يكن الأمر متعلقًا بتوفر المال للشراء، أو جودة طباعة كتاب، وغير ذلك، فقط يعوَّل تمامًا على جاذبية كتاب ما، لأن أطلع عليه فيروقني، فأستأثر بحمله معي، وأطالعه ... ويمضي الوقت!
فكرت حينها أن بعض دور النشر الحديثة تقذف لنا كل يوم بآلاف النسخ من الكتب التي تنوء بحملها وربما ترفضها الكثير من المكتبات بالفعل! ...
يكتبون كتبًا غريبة وعجيبة، ويراهنون على متلقٍ أعجب وأشد غرابة! ... ويستمرون في هذا الأمر ولا يتوقفون أبدًا ...
كنت أود أن أصرخ في وجههم أن (كفاااااية ...حرااااااام) أو أن (المشرحة ..فعلاً مش ناقصة قتلى) ..
قتلى الكتب كثر بالفعل!
والكتب الميتة على أرفف المكتبات يا عزيزتي كما تلاحظين أكثر!
.
ولكني وجدته في النهاية!
أي مصادفة تقودني إليك يا إبراهيم كل مرة، وأي بهجة تثيرها كتابتك في نفسي!
( أعراس آمنة) ... هذه الرواية الحلم!
لم تكن المرة الأولى ـ على كل حال ـ التي أنقذها فيها من براثن الكتب الأخرى، وأصطفيها لنفسي، وأجلس معها أداعب ورقاتها وأقلب حتى أصل لمقطع أختاره، فألتهمه بسعادة.. وأردها مكانها!
يومًا مـا سأقرؤك يا "أعراس آمنة" وسأسعد بلاشك!، ولكن بعد أن أنتهي من قائمتي القصيرة والطويلة...
الحديث عن الكتب مغوٍ وممتع، وعن أحجامها، وعن أنواعها، وعما نتمكن من قرائته فيها، وما يعجزنا قرائته مهما تعددت الأسباب (السعر/الحجم/الوقت) كثيرة حقًا ...
وخرجت ...
فلا الأرض أرض، والا الشوارع شوارع، ولا النيل نيل...
كلها بسطٌ سحرية تنقلنا من مكانٍ لمكان، حتى نستقر هناك ...
مرة أخرى، وبين الكتب، ولا يحلو أن أجلس هذه المرة، فقط نطالع، ونهتم، لتحدث المفاجأة!
سأعود بكتاب جديد ...
والدرس المستفاد أنه ماكل المكتبات تتشابه، وأن هناك كتبًا فريدة قادرة على أن تنتزع نفسها بقوة من بين أشلاء الجثث الأخرى، وتنادي عليك أنت فقط، خذني بالله عليك ... فلا يكن منك إلا أن تلبي، وتتصفح، في البداية، وتدهش ..دائمًا
وتستقل بساطك السحري مرة أخرى، حيث يحملك إلى دنياه!!
هل جاء ذكر (واحة الغروب) و ..(طوق الطهارة)؟؟
شكرًا J