أنت

في حياتي كلها أتوقع أن تكوني بذرة الضوء التي لا أدري كيف تنمو بداخلي لتنير اليوم، لكن أثرك أعجز ـ لازلت ـ عن التعبير عنه **** ، ولكنكِ تفرحين، وها أسنـانك تظهر .. ف تبتسمين :) وتطلع الشمس، هذه المرة ليس عنِّي بل عن جميل مرورك كلما حدث ... أمــــــــانـــــة عليكو أي حد يعدِّي هنا يترك تعليقًا .. ليستمر النور :)

الأحد، 28 فبراير 2010

تحت أقدام الأمهات .. الجنة .. والنار أيضًا !

كنت أسأل نفسي هل يمكن أن تخذلني بعد 3 محاولات/تجارب ناجحة جدًا! ..

هل يمكن أن يستمر ذلك التدفق ويزداد نضوجًا مع الأيام فعلاً! ..

أم أنني مجرد معجب!

.

.

لا أعرف تحديدًا متى بدأت "بثينة العيسى" الكتابة التي تبدو أنها "على عجل"، ولكنها ما إن تجاوزت عقدها الثاني حتى كانت قد أصدرت روايتها الأولى الذي بدا أنه كما قالت "لم يسمع له دوي"!! ... إلا أنها سـرعان ما دخلت قلبي!

قادرةُ جدًا على المزج بين الشعر والواقع أعني بين الخيال الجامع والواقع الحقيقي مهما كان مزعجًا وكئيبًا! وإذا كانت بدايتها كشأن كل بداية مجرد "ارتطام" إلا أنها لم تتعثر أبدًا وواصلت في "سـعـار" وبكل حدة تحديها للكتابة وللألم وللحب والفراق! ...

كشفت الكثير، ولم يكن يبدُ لي أنها قادرة على الدوام أن تكشف أكثر!..

حتى هبطت علينا بـ"عروس المطر"!

كانت شخصيات رواياتها (كما أحب كثيرًا) لا تزيد في العادة على اثنين رئيسيين طارحة مع الحب شتى العلاقات الإنسانية، والعادات الاجتماعية، من قلب الكويت الهامد، تنطلق برواياتها لتصنع للكويت أرضًا غير الأرض وعوالم غير العوالم!

إلا أنها حقًا لم تخذلني أبدًا بل إنها فاجأتني هذه المرة، حيث وجدتني معهن "تحت أقدام الأمهات"! متسائلاً عن ذلك العالم النسوي الفريد وحوله من يسيطر على من، ومن يفرض الوصاية على الآخر، من يدلل ومن له حق أن يقسو ويرحم! هل تحولنا الرفاهية إلى إرهابيين قساة، وهل يحولنا التدليل إلى مخنثين جبناء! وهل ينتهي الأمر بنا في كل الأحوال إلى موتٍ مخزٍ وفضيحة تطاردنا دائمًا!

لا أحب أن أكشف خبايا الرواية، أو أعرض "قصتها" بطريقة مخلَّة

أسخف ما كانوا يعلمونه لنا أن نشرح قصيدة، نحوِّل المعاني والموسيقى والحالات الشعرية المكثفة إلى حكي مجرد لكلمات لا تدل ولا تعمِّق المعنى! ...

ترسم "بثينة" بكلماتها عالمها كله، وتدور تداخل نفسيات شخصياتها وتعرض حالاتهم كما هي بلا إضافة ولا تعليق، لا يوجد ما هو راوٍ خارجي! ... الأبطال الحقيقيون، وفقط المنهزمون تمامًا (في هذه الرواية) هم الذين ينطقون ويتكلمون ويفصحون عن مخاوفهم وكبتهم وقهرهم بالحكي وبالكتابة ...

أبطال المجتمع، أو الذين يراهم المجتمع أبطلاً، مبرَّزين فيه، يمارسون كل القوى والسيطرة وفرض الوصاية، يتحكمون في مصائر الناس، ويرون ما يصلح ومالا يصلح! لتكون النتيجة أن يموتوا تمامًا، يصابون بالخرس اختيارًا، وتتحرك الدنيا كلها من تحت أقدامهم!

ما يفرض بالقوة والسيطرة والبطش، ينتزع ببساطة بالانهيار!

رغم كل القيود والسدود يمكن لخيطٍ متين من التربية المتقنة وتكريس العمل عليها يومًا بعد يوم أن تنجو من براثن الحصار، وأن تفرض لنفسها عالمها الخاص، مختلفًا عن ذلك الذي جٌبلت وتربت عليه، بإمكان الإرادة الحرة أن تنطلق من عقالها، وتؤكد وجودها وذاتها خارج الأسوار..

من غير الإغراق في خطابية زاعقة، وعبر محاولة جادة لرسم نفسيات وشخصيات عالمها النسوي الفريد، تجنح "بثينة العيسى" في النهاية إلى انتصار التمرد الهادئ والثورة الناعمة! (إن شئنا) ...

يبدأ الحب صغيرًا، وينمو متأثرًا بعوامل عديدة، ولكن العقل يتدخل ويتحكم، وينجح في فرض سطوته على كل العادات البالية والتقاليد العائلية غير المبررة.. لأول مرة ينجح الحب رغم فيضان العاطفة، وتتغلب المرأة العاشقة على مشاعرها لتصنع لنفسها عالمها الذي تريد وتحلم به!

تضع "بثينة" أمامنا النماذج كلها، كما هي في الحياة، كما نراها كل يوم، لتعرَّف المجتمع والعالم بأسره أن المرأة ليست نمطًا واحدًا، ولا نمطًا سائدًا، المرأة والرجل أيضًا ..

فقط على لسان موضي ..تقول بثينة :

(( ما حدث هو أنني تقت لنصي الخالص، إلى عالم روائي أخلقه أنا، أقطر فيه دمي، ألوثه بأفكاري، أنشر في هوائه برادة عظامي، كنت أنتظر أن يهطل عليَّ ذلك النص الذي أكون سيد لحظته، ولم يعد بوسعي أن أمنحها ما تريد، إشراقة الوجه، وموجة التصفيق، وجملة الآمال العريضة المثبَّتة على كتفيّ بالمسامير والخطاطيف.. لو أنها تفهم فقط بأن هذا الخرس الكتابي هو أول ململحٍ من ملامح حقيقتي ككاتبة، لما قتلتني إلحاحًا وأشعرتني بلا جدواي!))

نجحت الآمال العريضة في النهاية، ونجحت موضي وأمها في أن تخرجان من براثن الجدة المتسلطة الحاكمة، وإن لم يأتِ ذلك بشكل مباشر وإنما بإشارة دالة وعابرة

. لم تخذلني "بثينة" في روايتها الرابعة، وإنما تمسكت بمكانها ومكانتها عندي أكثر، بنفس اللغة الشاعرية ولكن بدخول أكثر في أعماق شخصياتها، وبتعمق واضح في عالمها، وكم كانت بهية وهي ترسم لكل واحدةٍ منهن "بورتريها" خاصًا، وكم كان رسم مشهد "رقية" وحالتها النفسية خاصًا وفريدًا نظرًا لموقعها "الأدنى" داخل تراتبية تلك العائلة شديدة الصرامة! ..

قد يأخذ البعض على "بثينة" هنا صورة الرجل الشرقي، التي لم تخرج عن التنميط، فهو إما غائب تامًا (بالموت أو بغيره) وإما حاضرًا غائبًا غير فعال ولا مؤثر في أسرته، مما يدفعه بعد ذلك للغياب التام، ولكنها في "تحت أقدام الأمهات" عرضت لرجلٍ مختلف، هو بطلها هنا الذي صنع على أيدي الأمهات! هي إدانة أخرى لذلك النمط من التربية الذي إما أن يدلل حتى التخنيث أو يتشدد حتى الإرهاب!

بإمكاننا أن نتحدث عن هذه الرواية إلى ما لانهاية! ... ولكن يروقني أن أتوقف الآن!


هناك 3 تعليقات:

Shrouk يقول...

طب انت شوقتي
وانا اصلا بحب بثينة وكتاباتها

Unknown يقول...

" وتتغلب المرأة العاشقة على مشاعرها لتصنع لنفسها عالمها الذي تريد وتحلم به!"

الجملة دي عجبتني أوي و وقفتني قدامها ..

قراءتك ليها مشوقة فعلا ، المقالة نفسها ثرية و مليانة تفاصيل حلوة ..

فكرة الحياة اللي بتتسحب من تحت أقدامنا ،، و مين اللي بيسحبها ؟ :)اتبسطت أوي انهم قدروا يتغلبو على دة في الآخر ...


مبروك عليك

الرواية الحلوة تستحق التهنئة :))

إبـراهيم ... يقول...

شروق، لاااازم أشوقك

لأنها تستحق
ــــــــــــــ
ريهام:

تسلمي يا ستي الرواية الحلوة والحياة الحلوة أيضًا

كوني بخير

Ratings by outbrain