لا أعرف من أين أبدأ لكِ الآن، فكلما حددت بداية قفزت إلى ذهني أخرى!
ولكن حديثي أصلاً عن حبيبتي ... (العربي)
تلك المجلة التي ارتبطت معي بسنوات تفتح الذهن واتقاد التفكير، والتي قل أن نجد لها مثيلاً في عالمنا، تلك المجلة التي احتفلت منذ فترة بنص قرن من العطاء والعلم والثقافة والمعرفة!
تلك المجلة التي كتب فيها من نحبهم أجمعين، والتي لا تزال ماضية على العهد في تصميم وإرادة يستحقان الغبطة!
عدت أدراجي إلى أعداد قديمة من مجلتي كانت ستذهب مع الريح، تداركتها في لحظة حاسمة، واستعدت معها ذكرياتي كلها .. شجونًا تترى!
لا أذكر تحديدًا متى أخذت القرار بالتوقف تمامًا (ونوهااائيًا) عن اقتنائها، رغم أنها ـ وكما يعلم الجميع ـ أقل المجلات الثقافية الشهرية سعرًا، وأكثرهم غزارة، ربما لأنني اكتشفت أنها تتراكم ـ مع غيرها ـ دون أن أقرأها ناسيًا أو متناسيًا أن في تراكمها نفسه الخير كله، فهذه المجلة ثروة حقيقية سواء قرأتها أو احتفظت بنسخة منها!
ولكن يبدو أن هذه المجلة تصر على أن تأتيني كلما غبت عنها، ويبدو لي أنها تبادلني الحب حبًّا .حتى لو بعدت عنها، حتى لو تجاهلتها، حتى لو مرت أعوام ولم أقتنها! ...
تظل تلح عليَّ وتأتيني منها إشـارات، مرة في (رسالة من صديق) مرة في مرور عابر بأحد أعدادها يلفت النظر، مرة في عدد قديم نسيته! ..
تدور الدنيا وتدور بي ، وتظل العربي محتفظة بمكانها ومانتها من القلب ... ومن قلبي!
.
.
أفكِّر الآن في فترة غيابها الطويلة عندي، والتي أردت أن أسجلها منذ اكتشفت الخطأ الخطير الذي ارتكبته، فأدى لحجبها عني سنينًا!! ... وإليكم القصة
في 2004 (ومن محاسن الانترنت النادرة أنه يوثق الأشياء بتواريخها لأنه يعلم أن ذاكراتنا يصيبها النسيان) .. كتبت مقالاً بسيطًا، أعرض فيه لأصدقائي في منتدى الساخر (مد الله في عمره وعمر من يقطنه الآن من الغرباء) ولعدد من المنتديات الأخرى ( وذكريني أن أحدثك عنها) أعرض فيه عددًا من أعداد (مجلة العربي) بطريقة تبدو لي الآن مستفزة! ... ولكن هذا ماحدث!
ما أذكره أنه بعدها بأعوامٍ ثلاثة دارت بي الدنيا في المنتديات، حتى اقتنعت تمامًا (وكنت قبلاً من مناهضي فكرة التدوين) أن أنشأ مدونتي الالكترونية (منفذي الوحيد الآن إلى قلبك!) .. وتزامن مع إنشائي للمدونة تعرفي على المتصفح الجميل الخبيث (فاير فوكس) لعلكِ لا تذكرين الآن، أني كتبت تدوينة من أوائل تدويناتي اسمها (أهلاً بكم في فاير فوكس) ... ولم أكن أتصوَّر أو أتخيل أن يكون هذا المتصفح شريرًا لدرجة أن يمنع ظهور بعض الصفحات!
فعلاً كانت مفاجأة بالنسبة لي ، لاسيما أني أي متصفح (غير الإكسبلولر) يفتح صفحة مجلة العربي، ولكن دون أن يظهر محتوياتها، مما يعطي إيحاء بأن إدارة الموقع/المجلة رأت أنه منه صالحها ألا تجعلها متاحة للجميع هكذا، وكان من أجمل ما يميزها ـ ولايزال ـ وجود أرشيف ضخم بكتابها الكبار منذ صدرت على الإنترنت (1990)، المهم كان فك الشفرة وحل اللغز مع الأستاذ (محمود صلاح) مسؤول موقع المجلة على فيس بوك، والذي تفضَّل مشكورًا بإيضاح الخطأ عندي، وفتحت المجلة مرة أخرى من (إنترنت إكسبلورر) لأفاجئ بأني حرمت نفسي منها على مدار 3 أعوام تقريبًا بسبب فاير فوكس! ....
قطعًا في الأمر خطأ وقدر أرى أنه يجب أن يتلافوه، لاسيما أن الكثير من المتصفحين اليوم يعتمدون على متصفحات عدة غير الإكسبلولر، هذا بغض النظر عن بعض الأخطاء التقنية التي لا تسمح لك بفتح أكثر من صفحة أحيانًا أثناء تصفحك للمجلة!
ولكن هذا ليس موضوعنا بحال!
يحتوي أرشيف المجلة الالكتروني في الحقيقة على الكثير من الكنوز الرائعة، لاسيما تلك المتعلقة بنصوص قديمة لأدباء نحبهم، أو حتى مقالات "خفيفة" فيها شجونهم ومذكراتهم ..
للأسف .. بعد أن عادت لي (العربي) الكترونيًا نسيتها مرة أخرى!
من الطبيعي أن يحدث هذا، لاسيما وأنه قد سابقتها مجلة الكترونية حديثة أخرى، ولكنها أكثر براعة فيما تقدمه من جهة (أدبية) فقط وهي مجلة الكلمة التي يرأس تحريرها د.صبري حافظ، والتي تقدم في كل عدد من أعدادها رواية وديوان شعر مجانيين للقراء، بالإضافة لعدد من الدراسات النقدية القيمة والمتابعات الأدبية الواسعة! ...
تاهت العربي في الزحام إذًا مرة أخرى!
لأعود إلى نسختها الورقية، الأكثر بهاءً وأشد جذبًا! ..
وللحديث شجون J
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق