كان عصيًّا على التغيير، لا لإيمانه الراسخ بأفضلية الأوضاع الحالية على غيرها، ولا لحبه لحالات الاستقرار والثبات كما اعتقد العبض، بل لرؤية أعمق من أن الحال هكذا أفضل، ولكن أمورًا عدة طرأت وتغيرت، فلما يلجأ لسواي ليطلب ...
ـ عاوز أعمل "نيو لوك" ...
كنت أبتسم، ولا أشير، أعلم أنها طريقة أخرى جديدة للتخلص من واقع يرفضه:
ـ الموضة اليومين دول .....
وأشرت بيدي إلى هناك ...خُيل إلي أنه فزع:
ـ هوا ده نيو لوك
ـ لو إنتا عاوز!
"كلهم أصبحوا كذلك، لا تتعجب، لم يعد الأمر جديدًا، بل غدا متعارف عليه، لا تقلق، سرعان ما ستعتاد عليه"
ـ إنتا متأكد؟!
ـ "التجربة خير برهان" .....
في الأيام التالية كان يأتني وقد ارتسمت على وجهه تلك الابتسامة الصناعية المرسومة بدقة عالية، يقول لي انظر، هاهو يتحرك، اسمع إنه ينبض بانتظام، كما قلت لك لسنا بحاجة لأكثر من ذلك أبدًا!
قلت له (.. ولســه)
سيريحك أكثر ..
وكنت أمسك به وأدور، أقول له:
هكذا يمكنك أن تسكته إن أردت، انظر هذا الباب، يمكنك أن تغلقه دائمًا فلا تصلك الرياح ولا تنتقل إليك أي عدوى قد تكون سارية بين الناس، انظر بإمكانك أن توقفه هكذا متى أحسست بالخطر ..
كان يدور حولي بتلك السعادة الصناعية ويقول: أخشى أن تنتهي فترة صلاحيته!
قلت له لا تقلق، سنركب لك واحدًا آخر! ..
قطع غياره متوفرة بشدة، والناس تستعمله بارتياح!
ويعيش أطول!
.................
أصبح يزورني كل أسبوع، وكأنه بذلك يود أن يتأكد من موضع ابتسامته، شكل هيئته حركاته، كنت أعلم أن "يكابر"، ولكني كنت أبتسم بدوري وأقول:
قلت لك الزمن كفيلٌ بتعويدك عليه! ....
بعد شهرين وجدته يسعل بشدة وكنت أمزح معه، احذر أن يهرب قلبك!
بعد سنوات كان قد تلائم تمامًا ...
أصبحت لا أفرق حقًا بينه وبينهم إلا بذلك الأثر في عينيه، الذي يبدو أنه نساه أيضًا!
. . . . . . .
كنت على يقين أن صديقي لن يعيش طويلاً، من السهل أن تحيا بقلب موجوع، ولكن من الصعب أن تعيش .. بغير قلب!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق